نقلا عن: الغد تي في

ارتفعت درجة حرارة الجدل الساخن في تونس، لتثير موجات من التظاهرات، والاحتجاجات، و«صخب» الدعوات المتباينة بين مؤيدين ومعارضين للمساواة بين الرجل والمرأة في الميراث.. وانفجرت «فتنة الميراث» داخل الشارع التونسي، عقب  إعلان الرئيس الباجي قايد السبسي، أنه سيطرح أمام البرلمان مقترحا يقضى بالمساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، مما  أثار حالة من الجدل فى الداخل التونسي، حيث تظاهر آلاف المواطنين في تونس للمطالبة بضرورة تطبيق مادة المساواة بين الرجل والمرأة فى الميراث.. في مواجهة تظاهرات ترفض ما وصفته بالـ «الطعن» في نصوص القرآن وأحكام الشريعة الإسلامية، وتطالب بالعودة عن مقترح المساواة في الميراث.

 

 

 

ويعد الاقتراح  بالمساواة في الميراث بين الجنسين، من المسائل الأكثر إثارة للجدل ضمن مجموعة من الإصلاحات الاجتماعية التي اقترحتها لجنة شكلها الرئيس التونسي قبل عام، حيث اقترحت اللجنة أن يكون الميراث متساويا بشكل تلقائي بين الورثة من النساء والرجال..وقال الرئيس التونسي، «بما أن رئيس الدولة التونسية هو رئيس الجميع فإذا كان المورث يريد تطبيق القوانين الشرعية فله ذلك وإذا أراد تطبيق القانون فله ذلك، وسيتم إدخال قانون المساواة في الميراث المقترح إلى دستور البلاد الذى سن عام 2014 والذى اعتبر إنجازا رئيسيا».

 

 

  • وتضمن تقرير اللجنة التي شكلها الرئيس التونسي، العديد من المقترحات الإصلاحية التي تخص مواضيع شائكة من بينها قضية المساواة في الإرث، والتي أثارت جدلا واحتجاجات غير مسبوقة في العالم الإسلامي، واقترح معدو التقرير مشروع قانون ينص على المساواة في الإرث بين الرجال والنساء الذين تربطهم صلة قرابة أولى، أي الأشقاء والشقيقات والأبناء والبنات والأب والأم والزوج !!

 

 

  • وتجسدت «فتنة الميراث» فى تونس على مستويين، الأول في مظاهرات ومسيرات ما بين مؤيدة ومعارضة لقرار الرئيس السبسي، بعرض نص مشروع القانون على البرلمان بعد انتهاء العطلة البرلمانية في أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، والآخر كان على مواقع التواصل الاجتماعي التي توالت عليها التغريدات والتدوينات الجدلية حول اتجاه تونس للمساواة بين الرجل والمرأة في الميراث.. بينما تباينت المواقف بين قيادات «حركة النهضة» الإسلامية، ـ الشريك الرئيس في الائتلاف الحكومي ـ حول تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة في الميراث، مما أشعل  خلافات حادة داخل «إخوان تونس»، وذلك في تطور لافت أعاد الصراعات بينهم مجددا إلى الواجهة بقوة، وسط توقعات بأن تشهد المرحلة المقبلة انقسامات غير مسبوقة في صفوف «النهضة».

 

 

ونظمت مئات التونسيات مسيرة حاشدة إلى مقر البرلمان للمطالبة بالمساواة في الميراث ليفتحن الجدل من جديد حول القانون، ورفعت المتظاهرات شعارات من بينها «لا جمهورية بدون حرية»، «تونس دولة مدنية واللي ليك ليا»، و«المساواة حق موش رمزية».. وكان آلاف التونسيين قد احتشدوا السبت الماضي أمام مجلس النواب احتجاجا على تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة المثير للجدل، بسبب تناوله مواضيع حساسة مثل المساواة في الميراث وإلغاء عقوبة الإعدام وعدم تجريم المثلية الجنسية.

 

 

  • واتهم سياسيون تونسيون، الرئيس الباجي قائد السبسي بـ«خرق الدستور»، وخاصة في يتعلق بحديثه عن دولة مدنية لا علاقة لها بالدين واقتراحه المساواة بين الجنسين في الميراث، معتبرين أن مشروع القانون الذي اقترحه سيثير الخلافات بين التونسيين.. كما اعتبر الرئيس السبسي أن تونس دولة مدنية مرجعيتها الدستور وليس الدين، متجاوزًا بذلك الفصل الأول من الدستور الذي ينص على أن «تونس دولة حرّة، مستقلّة، ذات سيادة، الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها»، وهو ما دعا البعض لاتهامه بتوظيف بعض فصول الدستور، وتجاهل الفصول الأخرى المخالفة له.

 

وتؤكد القاضية كلثوم كنو، أن هناك مشكل دستوري سيعترض اقتراح السبسي بخصوص الميراث، فالدستور ينص على المساواة بين النساء والرجال، وبالتالي أي قانون يسمح بخرق هذا المبدأ يكون غير دستوري (في إشارة إلى اقتراح السبسي تخيير التونسيين بين تطبيق المساواة من عدمها).. ومن جانبه اتهم حمة الهمامي، المتحدث الرسمي باسم الجبهة الشعبیة في تونس، حركة النهضة بتجییش الشارع التونسي، لأنها حركة لم تفصل النشاط السیاسي عن الدعوى، وهى لیست متخلیة عن مسألة الدولة الاستبدادیة ذات الطابع الدیني ـ وفق تعبیره ـ  مضيفًا: «حركة النهضة تتظاهر بأنها حركة مدنیة، بینما قواعدها یتحركون ویؤججون الوضع».

 

 

وترى الدكتورة ليلى الهمامي، المرشحة الرئاسية السابقة، أن الرئيس السبسي لم يُقدم على هذا القرار ضمانا لعلوية الدستور بقدر ما كان هدفه غاية انتخابية، لأنه يستعد لإعادة الترشح لولاية جديدة في 2019، وليس أدل على ذلك من أنه اقترح في خطابه الأخير ازدواجية النظم التشريعية في مسألة الميراث، فمشروع القانون الذي يعتزم عرضه خلال العودة البرلمانية يؤسس لمبدأ المساواة في الميراث، لكنه استطرد في نفس الخطاب ليؤكد على الإبقاء على اعتماد النظام الشرعي في الميراث لمن أراد ذلك باعتماد الوصية، وفي ذلك تناقض صارخ وانقلاب واضح على حجته الأولى، وهو تكريس المساواة في المواطنة كما أقرها نص الدستور.. وأضافت: إن المساواة بين الجنسين مبدأ غير قابل للتصرف يؤكدها التطور الاجتماعي الذي قاد المرأة إلى موقع الفاعل”.

 

 

  • وداخل دائرة «فتنة الميراث» التي تشعل الشارع التونسي ..الإسلاميون يرفضون قرار السبسي ويحشدون لرفض مشروع القانون.. والقوى المدنية تدعو للتظاهر دعما للحريات والمساواة.. والجبهة الشعبية تفتح النار على حركة النهضة الإسلامية، وتؤكد أنها لم تفصل نشاطها السیاسي عن الدعوى.. وفي القاهرة أكد علماء الأزهر ودار الإفتاء المصرية، أن نصوص الميراث في القرآن الكريم محددة وواضحة ولا تقبل التاويل أو الجدل، وغير ذلك إنحراف عن صحيح الدين الإسلامي.